عندما إجتاحت مليشيا الحوثي مدينة عدن الباسلة لم يكُن لأجل إحباط محاولة الإنفصال التي قامت بها الفصائل الإنقلابية مع أنه لم تكُن هناك محاولة إنفصال حينها ، بل كان الإجتياح لأجل القبض فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي وإغتياله أو لإحتجازه حيناً من الوقت والسيطرة على كل البقاع الجنوبية ثم إعلان عودة اليمن للحكم السلالي الكهنوتي ، فلم تتمكن تلك السلالة من مسعاها هذا فقد حفظه ربي من سابع سماه ومن على عرشه ، ولكنها إستطاعت أن تأسر شقيقه الغالي العم ناصر منصور وصاحبيه البطلين محمود الصبيحي وفيصل رجب .

   أقول قولي هذا لأن هناك من تجار القضية الجنوبية وقطيعهم يتبجحون بإستمرار وفي جميع وسائل التواصل بأن شهداء الجنوب ضحوا بأرواحهم لأجل إستعادة الجنوب ، فحيناً أضحك من شعاراتهم الثورجية التي بها يدغدغون مشاعر السفهاء من أبناء الجنوب ، وحيناً آخر أشعر بغصة تنتابني لإدعاءتهم تلك على خيرة شباب الجنوب الذين ذادوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية عن أرضهم وعرضهم في الوقت الذي كان فيه هؤلاء المتبجحين في قراهم وبين نسائهم وولدانهم بعد أن أعرضوا عن مواجهة مليشيا الإنقلاب ولاذوا بالفرار قاصدين قراهم تحت ذريعة أن هذه الحرب لا تعنيهم .

   تناقض كبير بالأقوال والأفعال لدى هؤلاء الذين إختزلوا الجنوب الشاسع في قراهم الجبلية الضيقة والوعرة وذات المساحة الصغيرة من مساحة جنوبنا الحبيب والتي قد تصل مساحة قراهم بالنسبة المئوية حوالي 5 ٪ من مساحة الجنوب ، ناهيك عن الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها الجنوب والتي تنعدم قراهم من أدنى رقم من ثروات الجنوب ، فتناقضهم هذا يتمثل في كل سلوكياتهم فحينما تصدروا المشهد في الجنوب وعلى وجه التحديد في العاصمة عدن وبعد أن سلمهم فخامة الرئيس القائد كل مفاصل الدولة دأبوا على تقاسم المدينة عدن فيما بينهم وإنخرطوا في صفوف العدو وشكلوا مليشيات قمعت كل جنوبي لا ينتمي لقراهم وقتلت ونكلت وإختطفت الكثير من الجنوبيين ولازالت حتى اللحظة تمارس هذه الجرائم .

   شعاراتهم لا تمت للواقع بصلة فإذا كانت قافلة الشهداء ضحت لأجل إستعادة الجنوب وأُستُشهِدت دون العلم الجنوبي البائد إذاً فما بال تلكمُ القوافل من الشهداء التي فاضت أرواحها الطاهرة إلى بارئها في المخا وفي الحديدة وصعدة وصرواح وفي كثير من الأراضي الشمالية ؟ هل تلك القوافل أيضاً ضحت ولازالت تضحي لأجل إستعادة الجنوب ؟ وإن أحصينا شهداء الجنوب الذين قضوا نحبهم في المناطق الشمالية سنجدهم أكثر بكثير من الشهداء الجنوبيين في الجنوب ، ولا أظن أن ثمة عاقل جنوبي يسعى لإستعادة دولة الجنوب سيذهب للقتال في الأراضي الشمالية التي تعداد سكانها خمسة أضعاف من سكان الجنوب .

   إن كان هناك نية صادقة في إستعادة الجنوب كان بإستطاعة هؤلاء أن يستعيدوه عندما سنحت لهم الفرصة لا سيما بعد التحرير ، ولكن النية الحقيقية والمسعى الحقيقي لهذه الشرذمة هي المتاجرة بالقضية الجنوبية من خلال الشعارات التي لا يجيدون سواها فأكلوا الأخضر واليابس في عدن تحت هذه الشعارات ، فوالله الذي لا إله غيره إن كانت تعلم تلك الكوكبة من الشهداء الذين قضوا في عدن وهم يدافعون عنها بأن هؤلاء من سيتصدر المشهد في عدن بعد تحريرها وأن الأمور ستؤول إلى ما آلت إليه لما كانوا فكروا مجرد التفكير بأن يجابهوا عتاولة الإنقلاب ، ولكن إرادة المولى عز وجل فوق إرادة عباده والله المستعان على ما يصفون .

   لا يسعني أخيراً إلا أن أقول وأنا مؤمن إيمان مطلق بما أقول بأنه لابد أن تنجلي العتمة ويأتي فجر جديد نرى فيه حلمنا وقد تحقق بإنهاء الإنقلاب والقضاء على أولئك الغوغائيين الفجرة ومن عاونهم ، وسيكون هناك يمن إتحادي قوي بأبنائه البررة وبقائده العظيم صاحب هذا المشروع العظيم ، وقبل كل ذلك ستكون مشيئة الله تعالى معنا تظلنا ما دامت أرواحنا فينا حتى يرث الله الأرض ومن عليها .. قولوا آمين .

علي هيثم الميسري