منذُ إستقلال الجنوب في العام 67 حتى إعلان الوحدة اليمنية العام 1990 حكم الجنوب شخصيات جنوبية ، ولم تمر حقبة زمنية إلا ودخل الساسة الجنوبيين في صراعات سياسية تنتهي بمواجهات مسلحة ، بعدها تستتب الأمور فترة من الزمن ثم تُعاد الكرَّة وغالباً كان الشعب الجنوبي هو من يدفع الثمن .

   قبل الوحدة اليمنية كانت الأمور ذاهبة إلى مواجهات مسلحة دموية بعد صراعات الساسة إنقلابيو 86 ، فلم يجد علي سالم البيض وعصبته بُدَّاً من الدخول في الوحدة والتوقيع عليها سريعاً بعد أن كاد أن يقضي عليه الرفاق للإستيلاء على الحكم فأمن مكرهم كما مكروا بمن سبقه .

   كانت الصراعات بمجرد أن تبدأ يبدأ معها تمزق النسيج الإجتماعي في صفوف الشعب لاسيما في العام 86 ، فكانت كل منطقة تتعصب لساستها ويبدأ الصراع الشعبي ليس على مستوى حمل السلاح ولكن كان بحرب إعلامية أو مهاترات كلامية في الشوارع والأحياء والبيوت ومرافق العمل ولم تكاد تخلو هذه المهاترات حتى في المدارس .

   جاءت الوحدة وحكم اليمن رئيس من الشمال فتلاشت هذه العادة السيئة في صفوف الساسة والشعب الجنوبي ، وبعد حرب العام 94 توحدت كلمة الشعب وإلتئم النسيج الإجتماعي في صفوفه بعد أن عَدَل الحاكم الشمالي في ظلمهم جميعاً ، فأقصاهم من وظائفهم وسرق ثرواتهم ونكل بهم وشردهم من مدنهم وقراهم .

   في العام 2007 إنفجرت ثورة شعبية وصنعت حراك جنوبي سعى في بادئ الأمر لنيل حقوقهم ومظالمهم كاملة ، وبمجرد أن عاد الساسة الجنوبيين الذين فروا هاربين بعد حرب العام 94 وركبوا موجة الحراك الجنوبي إرتفع سقف المظالم والمطالب الحقوقية إلى المطالبة بالإنفصال ، وهذا ما ساعد النظام العفاشي الديكتاتوري أن يجد مبرراً لقمع إنتفاضة الحراك ، وكأن النظام الديكتاتوري هو من أوعز لهؤلاء الساسة الجنوبيين بركوب موجة الحراك .

   في العام 2011 إنفجرت ثورة شبابية في كافة بقاع الأرض اليمنية تطالب برحيل النظام العفاشي الديكتاتوري ، وبتسوية سياسية ومبادرة خليجية صاغتها رموز وطنية وكان على رأسها نائب الرئيس حينها الوالد عبدربه منصور هادي رحل الرئيس وبقي النظام ، وتمخضت هذه التسوية برئيس توافقي وكان فارس اليمن عبدربه منصور هادي هو من توافق عليه الجميع بما فيهم دول الإقليم والمجتمع الدولي .

   بعد حوالي ثلاث سنوات إنقلبت على فخامته مليشيا مجوسية ضالة بمساعدة الرئيس السابق الهالك علي عفاش ، وسيطرت هذه المليشيا الإنقلابية على كامل بقاع الأرض اليمنية بما فيها عدن مدينة السلام ، حتى جاءها المدد من دول التحالف بطلب رسمي من فخامة رئيس الجمهورية اليمنية ، وقد أبلى أبناء عدن والمقاومة الجنوبية بلاء حسن وخاضوا حربهم بشراسة ضد المجوس بمساعدة وإسناد آلي من دول التحالف وإنتصرت عدن وإنتصر الجنوب .

   حينها سلم فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي كل مفاصل الدولة الجنوبية للجنوبيين ، فعادت الصراعات المناطقية والقبلية على مستوى الساسة والشعب ، وتمزق معه النسيج الإجتماعي من خلال المهاترات الكلامية والحرب الإعلامية ، وكأن لسان حال البعض يقول : لن يحكمنا إلا شمالي أما أبيني فلا وألف لا حتى وإن جاء لنا بالجنوب على طبق من ذهب .

   خلاصة ماوددت أن أقوله : بأن هناك فئة من الجنوبيين لا يريدون إلا هم من يحكم الجنوب ، فإن لم يحكموا الجنوب فلا بأس أن يحكمهم شمالي حتى وإن كان ظالماً وديكتاتوراً ، لذلك أقول لهم أن اليمن الإتحادي بنظام الأقاليم هو الحل الأنجع لكل أحقادكم وأمراضكم العنصرية والقبلية والأنانية ، وقد تحكمون أنتم في إقليمكم بالرغم من أنكم فئة فاشله لا تفقه السياسة ولا الحكم ونموذج حكمكم وسياستكم هي العاصمة عدن ، أنظروا كيف حولتوها من عاصمة مدنية إلى قرية إنعدم فيها الأمن والأمان .. فحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم .

علي هيثم الميسري